موقف الاسلام والقرآن الكريم من الشعر والشعراء وحكمه
الإسلام والشعر:
ما رأي القرآن في الشعر؟ وهل ما ورد في سورة الشعراء كان موقفا له ظروفه المرحلية الخاصة؟
الشعر كالنثر، كلام مكون من عبارات وألفاظ، ولا يفترق الشعر عن النثر إلا بالوزن والموسيقى، وهذان لا دخل لهما في مضمون الكلام، أو الحكم عليه بالجودة أو الرداءة
، ولعل هذا هو الذي جعل حجة الإسلام الغزالي يقول عن الشعر إنه كلام حسنه حسن وقبيحه قبيح.
، ولعل هذا هو الذي جعل حجة الإسلام الغزالي يقول عن الشعر إنه كلام حسنه حسن وقبيحه قبيح.
ولقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن من الشعر لحكمة". وحينما سمع الرسول صلى الله عليه وسلم قول الشاعر طرفة:
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا ... ويأتيك بالأخبار ما لم تزود
قال: هذا من كلام النبوءة. وليس معنى هذا أن الكلام من الوحي، ولكن الرسول يريد أن معنى البيت يتفق مع ما يقوله الأنبياء، لأنه حق.
وإن كان القرآن الكريم قد نفى صفة الشعر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في مواضع منه فالمراد من ذلك -كما جاء في كتاب "سلاح الشعر"- نفي ما افتراه عليه المشركون من أنه شاعر ساحر، لأن القرآن لو ترك الرد على هذا الافتراء لمضى المشركون في زعمهم، وقد كان شعراؤهم يومئذ -إلا من عصم الله، وقليل ما هم- لكان القرآن المجيد الذي جاء به من عند الله شعرا، فلا يكون كتابا إلاهيا، ولا يكون معجزا.
موقف القرآن الكريم من الشعر:
وإذا كان القرآن الكريم يقول: ((والشعراء يتبعهم الغاوون ألم تر أنهم في كل واد يهيمون وأنهم يقولون مالا يفعلون إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات)) فالمراد بالشعراء هنا الذين كانوا يهيمون في أودية الخيال الكاذب، والغزل المكشوف، وتمزيق الأعراض، وإثارة الفتن، والطعن في الأنساب، والهجاء الفاحش، والوعد الباطل، والافتخار بالباطل، ومدح من لا يستحق المدح، والتناقض بين القول والعمل.
وأما إذا كان الشعر من اللون المؤمن الصالح الذاكر، فما أجله، وما أحسن هذا الشعر إذا قيل في الإيمان، وفي الصالحات وفي الذكر، ودفع الظلم، ولذلك استثنت الآية فقالت: ((إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون)).
وبعض الناس يروي حديثا نبويا بالصورة الآتية: "لأن يمتلئ جوف أحدكم قيئا خير له من أن يمتلئ شعرا" ويحتج بهذا على ذم الشعر، ولكن الرواية السابقة للحديث تحتاج إلى تصحيح، لأن صحتها هي: "لأن يمتلئ جوف أحدكم قيئا خير له من أن يمتلئ شعرا هجيت به". وكلمة (هجيت به) التي أسقطت من رواية الحديث فيها أبلغ الرد على الذين لا يفرقون في الشعر بين الغث والسمين.
موقف القرآن الكريم من الشعراء:
والثابت في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم أنه أنشد الشعر متمثلا به، غير أنه كان مقلوبا، كما حث حسان بن ثابت على قول الشعر في الدفاع عن الإسلام، وكان يقول له: "اهج المشركين وروح القدس يؤيدك" وروح القدس هو جبريل عليه السلام.
ولقد سأل كعب بن مالك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: يا رسول الله ماذا ترى في الشعر؟ فأجابه بقوله صلى الله عليه وسلم: "المؤمن يجاهد بلسانه وسيفه".
حكم الشعر في الإسلام:
نخلص من هذا إلى أن نظم الشعر ليس بحرام، لأنه كالنثر، وإنما يحرم سوء استغلاله فيما لا يجوز من القول، وكذلك لا يحرم الاستماع إلى الشعر متى كان نظيفا شريفا، لا يحرض على الاثم، ولا على الفوضى ولا التمييز ولا العنصرية، ولا يثير دافعا إلى معصية، والمهاجمة التي وقعت في القرآن الكريم للشعر ينبغي أن تكون مقصورة على صنف معين من الشعراء، وهم الذين يتبعهم الآثمون، والذين يقولون مالا يفعلون، والذين يتخيلون الأخيلة الباطلة الآثمة. وهذا رأي الإسلام في كل وقت من الأوقات. والله تعالى أعلم.
إرسال تعليق