موارد التفسير، وأنواع المفسر، وتعريف المحكم وحكمه.
كلية الآداب والعلوم الإنسانية. مسلك: الدراسات الإسلامية
الدكتور: هشام تهتاه.
الرجوع إلى الدرس الأول: تعريف الظهور، وأقسامه، وخصائصه وحكمه
الرجوع إلى الدرس الثاني: مدخل لدراسة دلالة الألفاظ، تعريف الدلالات لغة واصطلاحا وأقسام القواعد الأصولية والدلالة باعتبار الوضوح والخفاء.
[تتمة] موارد التفسير:
يُرجع في تفسير ما خفيت معانيه إلى مصدرين اثنين:
المصدر الأول: الشرع.
المصدر الأول للتفسير بالمعنى الأصولي هو الشرع؛ وبيان ذلك أن:
- القرآن الكريم يفسر بعضُهُ بعضًا، مثاله:( والسماء والطارق) = (النجم الثاقب)
- والسنة يفسر بعضُها بعضًا: ”كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها..“
- والسنةُ تفسر القرآن، قال تعالى: (وآتوا حقّه يوم حصاده) وقال رسول الكريم“ ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة“ .
والقرآن يفسر السنة: فقد نهى رسول الله عن الصلاة في الأوقات المكروهة، وهو نهي عام يشمل النوافل وقضاء الفرائض، وهو عند كثير من أهل العم مخصوص بقول الله تعالى(حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى) والمحافظة على الصلاة تقتضي قضاء الفوائت في كل وقت.
المصدر الثاني: عمل المجتهد.
ولا يكون إلا في المسائل الظنية الاجتهادية، ولا يخرج المجتهد في اجتهاده عن التماس مقصود الشارع، فيعمل قواعد (القياس) تارة، و يستعين بفهوم غيره من أهل الاجتهاد ( كفقهاء الصحابة والتابعين ...) وقد يُحكِّم (العرف) وقد يراعي (المصالح المرسلة) وقد يخوض في (الاستحسان) ... وعندئذ قد تتفق أنظار المجتهدين (الإجماع)، وتختلف تارة.
مثاله:
قول رسول الله صلى اللع عليه وسلم في تحريم ربا الفضل:" الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر, والشعير بالشعير، والتمر بالتمر, والملح بالملح؛ مثلاً بمثل، سواء بسواء، يداً بيد، فمن زاد أو استزاد فقد أربى“.
فقدبيّن الحديثُ حكمَ الأصناف الستة، وبقي غيرُها محل اجتهاد العلماء، فاختلفوا فيه اختلافهم المعروف.
أنواع المفسَّر:
ينقسم المفسر إلى نوعين هما:
1. المفسر لذاته:
وهو ما كان سببُ وضوحه راجعًا إلى ذات ألفاظه؛فلا يحتمل التأويل.
مثاله:الآيات المتضمنة للأعداد في القرآن: "والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ”.
2. المفسر لغيره:
وهو ما ازداد وضوحا بقرينة خارجية فسرته تفسيرا قطعيا، وبذلك يصبح مفسرا "اسم مفعول" بعدما كان نصا أو ظاهرا.
- مثاله: الألفاظ اللغوية ذات المعاني الاصطلاحية،فمثلا (الصلاة) في اللغة تعني الدعاء،لكن الرسول بينها شرعا (صلوا كما..)
رابعا: المحـكــم.
تعريفه المحكم:
” هو اللفظ الذي يدل على معناه، ولا يحتمل التأويل ولا النسخ، وسيق لإفادة معناه بالأصالة“.
مثاله:
كل ما ورد في نصوص الشرع من:
- قواعد الدين الكبرى: كأركان الإيمان وأصول العبادات...
- مكارم الأخلاق ومحاسن العادات: كبر الوالدين، والرفق بالصغير، والحث على طلب العلم ، وحسن الصدق والعدل والوفاء ..
- أخبار الأمم الماضية وقصص الأنبياء ..
- الأحكام الجزئية المشعرة بتأبيد تشرعها: كتحريم نكاح الأم، وسنية الجهاد .. جاء في الحديث“ الجهاد ماض إلى يوم القيامة.“
حكمه:
يجب العمل بمقتضاه قطعا، مع نفي احتمال التأويل والنسخ.
أنواع المحكــم
ينقسم المحكم إلى نوعين:
1. المحكم لذاته: وهو الذي يُعْلَمُ إحكامه من صيغته، ومثاله:كل ما سبق ذكره من الأمثلة.
2. المحكم لغيره: وهو (المفسَّرُ) الذي لم يُنسخ في زمن التشريع؛ لأنه يصير محكما بعد وفاة النبي عليه الصلاة السلام لانقطاع إمكان نسخه، ولهذا سُمي (مُحْكمًا لغيره).
مثاله:
قوله تعالى (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) فهو (مفسر)بالنظر إلى قبوله النسخ زمن التشريع؛ لأنه يتضمن أعدادا، وأحكاما عملية، ولكن، بعد وفاة رسول الله انقطع احتمال النسخ، فصار (محكما لغيره).
إرسال تعليق