تقسيم التشبيه باعتبار الوجه إلى تشبيه تمثيل وغيره:
تعريف التمثيل، الفرق بين التشبيه والتمثيل، تأثير التمثيل في النفس ومواضعه
تعريف تشبيه التمثيل:
تشبيه التمثيل هو تشبيه وجه منتزع من متعدد أمرين او أمور، كقول الشاعر:
وكأنّ النجوم والليل داج ... نقش عاج يلوح في سقف ساج
فوجه الشبه هيئة مأخوذة من أشياء بيضاء مستديرة لامعة في وسط شيء أسود، وكقول الله تبارك وتعالى: {مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون} فقد شبهت حال المنافقين بحال من استوقد نارا إلى آخر هذه الآية، بجامع الطمع في حصول شيء بوشرت أسبابه وهيئت وسائله، ثم تلى ذلك الحرمان والخيبة لانفلات الأسباب وتقويض أركانها رأسا إلى عقب.
وغير التمثيل ما كان بخلاف ذلك، نحو:
- فلان كالسيف في المضاء.
الفرق بين التشبيه والتمثيل
التشبيه أعم من التمثيل فكل تمثيل تشبيه وليس كل تشبيه تمثيل، إذ التمثيل مختص بما كان وجه الشبه فيه منتزعا من متعدد.
مواضع تشبيه التمثيل
للتمثيل موقعان:
1. أن يكون في مفتتح الكلام، فيكون قياسا موضحا وبرهانا مصاحبا وهو كثير جدا في القرآن الكريم، مثل:
- {مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة.
2. ما يجيء بعد تمام المعاني لإيضاحها وتقريرها، فيشبه البرهان الذي تثبت به الدعوى، كقول أبي العتاهية:
ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها ... إن السفينة لا تجري على اليبس
تأثير التمثيل في النفس
إذا وقع التمثيل في صدر القول بعث المعنى إلى النفس بوضوح وجلاء مؤيدا بالبرهان، وإذا أتى بعد استيفاء المعاني كان:
أ- إما دليلا على إمكانها كقول المتنبي:
وما أنا منهم بالعيش فيهم ... ولكن معدن الذهب الرغام
ب- وإما تأييدا للمعنى الثابت، كقول الشاعر:
ونار لو نفخت بها أضاءت ... ولكن أنت تنفخ في رماد
وهو في كلتا الحالتين يكسب المعاني منقبة ويرفع قدرها، ويجعل لها في القلوب هزة وارتياحا، فإنك إذا تأملت حالك وحال المعنى قبل التمثيل وبعده، ترى بونا شاسعا ومسافة الخلاف متسعة، ألا تراك تحس الفرق بين ظان تقول:
- أرى قوما لهم بهاء ومنظر وليس لهم مخبر.
وأن تنشد قول الشاعر:
في شجر السّرو منهم مثل ... له رواء وماله ثمر
فإن جاء في باب المدح كسا المعنى حلة من الفخامة وقضى للمادح بغر المنائح، كقول الشاعر:
فتى عيش في معروفه بعد موته ... كما كان بعد السيل مجراه مرتعا
وإن جاء في باب الذم كان وقعه أشد وحده أحد، كقوله تعالى فيمن أوتي الآيات فانسلخ منها {مثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث}
وإن جاء في مقام الاحتجاج كان ساطع البرهان، باهر البيان، كقوله تعالى: {مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون}.
وإن جاء في مقام الوعظ كان أبلغ في التنبيه والزجر، كقوله تعالى في وصف نعيم الدنيا: {كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما}.
وإن جاء في موضع الاعتذار، خلب القلب وسحر اللب وسل السخيمة وأزال الموجدة والضغينة، كقول المتنبي:
لا تحسبوا أن رقصي بينكم طربا ... فالطير يرقص مذبوحا من الألم
وهكذا حاله في كل فنون القول وضروب الكلام، ولاسيما باب الوصف، كقوله تعالى: {ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كلّ حين بإذن ربّها}.
وكقول الشاعر:
والليل تجري الدرارى في مجرته ... كالروض تطفو على نهر أزهاره
إرسال تعليق