أركان التشبيه:
الركن الثالث: (وجه الشبه)
تعريف، أقسام، أوجه
-2-
... تتمة
... وحركة المصحف في قول ابن المعتز:
وكأن البرق مصحف قار ... فانطباقا مرة وانفتاحا
فيها تركيب لأنه يتحرك في حالتي الانطباق والانفتاح إلى جهتين في كل حال إلى جهة، ومن لطيف ذلك قول الاعشى يصف السفينة في البحر وتقاذف الأمواج بها:
تقص السفين بجانبيه كما ... ينزو الرياح خلاله كرع
شبه السفينة في انحدارها وارتفاعها بحركات الفصيل في نزوه فإنه يكون له حينئذ حركات متفاوتة تصير لها أعضاؤه في جهات مختلفة ويكون هناك تسفل وتصعد على غير ترتيب وبحيث تكاد تدخل إحدى الحركتين في الأخرى فلا يتبينه الطرف مرتفعا حتى يراه متسفلا وذلك أشبه شيء بحال السفينة وهيئة حركاتها حين تتدافعها الأمواج.
وكما يقع التركيب في هيئة الحركة قد يقع في هيئة السكون، كقول أبي الطيب في صفة الكلب:
يقعى جلوس البدى المصطلى ... بأربع مجدولة لم تجدل
فلم ينل التشبيه حظا من الحسن إلا لما فيه من التفصيل من حيث كان لكل عضو من أعضاء الكلب في إقعائه موقع خاص وكان مجموع تلك الجهات في حكم أشكال مختلفة تؤلف منها صورة خاصة. وكذلك صورة جلوس البدوى عند الاصطلاء.
والمركب العقلي كحرمان الانتفاع بأبلغ نافع مع تحمل التعب في استصحابه كقوله تعالى: {مثل الذين حملو...} الآية.
تنبيه: -تقع بعد أداة التشبيه أمور يظن أن المقصود أمر منتزع من بعضها-
قد تقع بعد أداة التشبيه أمور يظن أن المقصود أمر منتزع من بعضها فيقع الخطأ لكونه أمرا منتزعا من جميعها، كقول الشاعر:
كما أبرقت قوما عطاشا غمامة ... فلما رأوها أقشعت وتجلت
فإنه ربما يظن أن الشطر الأول منه تشبيه مستقل بنفسه لا حاجة به إلى الثاني، على أن المراد به ظهور أمر مطمع لمن هو شديد الحاجة إليه، لكن بعد التأمل يظهر أن مقصد الشاعر أن يثبت ابتداء مطمعا متصلا بانتهاء مؤيس وذلك يتوقف على البيت كله.
وهذا بخلاف التشبيهات المجتمعة في نحو محمد كالأسد والسيف والبحر، فإن المقصد فيها التشبيه بكل واحد على حدته، حتى لو حذف بعضها لا يتغير الباقي في إفادة معناه، بخلاف المركب فإن مقصود التشبيه يختل بإسقاط بعض الأمور، كما أنه لو قدم بعضها وأخر بعضها الآخر لا يتغير المعنى إذ ليس لهذه التشبيهات نسق مخصوص ولا ترتيب معين بخلاف المركب.
المتعدد الحسي:
المتعدد الحسي كاللون والطعم والرائحة في تشبيه النبق الكبير بالتفاح في هذه الأمور الثلاثة.
المتعدد العقلي:
والمتعدد العقلي كحدة النظر وكمال الحذر وإخفاء السفاد عند تشبيه طائر بالغراب فيما ذكر.
المتعدد المختلف:
والمتعدد المختلف كحسن الطلعة ونباهة الشأن عند تشبيه إنسان بالشمس.
واعلم أنه قد ينتزع الشبه من نفس التضاد لاشتراك الضدين فيه، فينزل التضاد منزلة التناسب فيشبه أحد الضدين بالآخر للتمليح والظرافة أو للتهكم والاستهزاء، كما يشبه بخيل بحاتم، كما قال الإمام المرزوقي في قول شقيق الأسدي:
أتاني من أبي أنس وعيد ... فسلّ لغيظه الضحاك جسمي
رجوع إلى الدرس الأول: من هـــــــنا
إرسال تعليق