القراءات القرآنية: القراءات الشاذة:
تعريف القراءة الشاذة - تاريخ القراءاة الشاذة - حكم العمل بالقراءات الشاذة
أولا: تعريف القراءة الشاذة لغة واصطلاحا:
الشاذ لغة:
الشاذ لغة: من الشذوذ بمعنى: الانفراد، قال ابن فاس: ( الشين والذال يدل على الانفراد والمفارقة. (شذ الشيء يشذ شذوذا).
القراءة الشاذة اصطلاحا:
القراءة الشاذة اصطلاحا هي كل قراءة فقدت أحد الأركان الثلاثة المذكورة سابقا لقبولها، بحيث إنها:
1 - لم تكن متواترة.
2 - أو خالفت رسم المصاحف العثمانية كلها.
3 - أو لم يكن لها أصل في اللغة العربية، فهي شاذة.
مذاهب وأقوال العلماء في تعريف الشاذ من القراءات
قيل في تعريف الشاذ بأنه: ما ليس بمتواتر؛ لأن شرط التواتر هو الأصل، أما الشرطان الأخيران فللاستئناس بهما؛ لأنه لا توجد قراءة متواترة مخالفة للشرطين الأخيرين أو أحدهما، أما القراءة غير المتواترة فقد تكون مخالفة للشرط الثاني أو تكون مخالفة للشرط الثالث، وهذا هو حال جميع القراءات الشاذة.
- يقول الإمام النويري رحمه الله تعالى: "أجمع الأصوليون والفقهاء على أنه لم يتواتر شيء مما زاد على القراءات العشرة، كذلك أجمع عليه القراء أيضا إلا من لا يعتد بخلافه".
- وقال ابن الجزري : " والذي جمع في زماننا الأركان الثلاثة هي قراءة الأئمة العشرة التي أجمع الناس على تلقيها بالقبول".
- وقال - رحمه الله - نقلا عن ابن السبكي : "والصحيح أن ما وراء العشرة فهو شاذ".
وعلى هذا، فالقراءات المروية بطريق الآحاد أو المدرجة -وهي التي زيدت في القراءات على وجه التفسير- تندرج تحت الشاذة، أما التي لا سند لها مطلقا أو ما روي بالمعنى فلا تدخل في تعريفهما.
ثانيا : تاريخ شذوذ القراءات:
للعلماء رأيان في تاريخ شذوذ القراءات:
الرأي الأول: إن الحد الفاصل بين القراءات الصحيحة والشاذة هو: العرضة الأخيرة التي تعرض فيها الرسول - صلى الله عليه وسلم - القرآن الكريم على جبريل -عليه السلام- مرتين في شهر رمضان، وقد نسخت فيها بعض الأيات القرآنية فكل ما نسخ حتى العرضة الأخيرة يعتبر شاذا.
الرأي الثاني: إن الشذوذ بدأ يظهر في عصر الخليفة عثمان -رضي الله عنه- حينما كتبت المصاحف، وأمر بإحراق ما عداها، فيعتبر ذلك حدا فاصلا بين القراءات الصحيحة والشاذة، ويُدرك ذلك بالتأمل في أركان القراءة الصحيحة حيث موافقة القراءة لأحد المصاحف العثمانية شرط لقبولها.
والرأي الثاني هو الأقرب لواقع تاريخ جمع الأمة على المصحف الإمام ، والله أعلم.
ثالثا: حجية القراءات الشاذة وحكم العمل بها:
أ - حكم القراءة بالشاذ:
1 - أجاز بعض العلماء القراءة بالشاذ؛ لأن الصحابة كانوا يقرءون بها في الصلاة وخارجها، فلو لم تجز القراءة بها لكان أولئك لم يصلوا قط؛ بل ارتكبوا محرما، ومرتكب الحرام يسقط الاحتجاج بخبره، و هم نقلة الشريعة فيسقط بذلك أساس الإسلام، والعياذ بالله.
وهذا أحد القولين لأصحاب الشافعي وأبي حنيفة و إحدى الروايتين عن مالك.
2 - الجمهور على عدم جواز القراءة بالشاذ للتعبد بها مطلقا، لا في الصلاة ولا خارجها؛ بل نقل البعض إجماع المسلمين على ذلك -كابن عبد البر وغيره- بحجة أن القراءات الشواذ لم تثبت بالتواتر، فلا يحكم بقرآنيتها؛ لأن القرآن لا يثبت إلا بالتواتر، وإن ثبتت بالنقل فإنها منسوخة بالعرضة الأخيرة أو بإجماع الصحابة على المصحف العثماني وقد اتفق فقهاء بغداد على استتابة من قرأ بالشواذ، وقصة ابن شنبوذ ابن مقسم العطار معروفة في ذلك.
قال ابن الجزري : " والذي نص عليه أبو عمرو بن الصلاح وغيره: أن ما وراء العشر ممنوع من القراءة به منع تحريم لا منع كراهة. وقال ابن السبكي: "لا تجوز القراءة بالشاذ" . .
3 - وقد توسط بعض العلماء فقال: إن قرأ بها في القراءة الواجبة في الصلاة -وهي الفاتحة- عند القدرة على غيرها لم تصح صلاته؛ لأنه لم يتيقن أنه أدى الواجب من القراءة؛ لعدم ثبوت القرآن بذلك، وإن قرأ بها فيما لا يجب لم تبطل؛ لأنه لم يتيقن أنه أتى في الصلاة بمبطل؛ لجواز أن يكون ذلك من الحروف التي أنزل عليها القرآن.
ب - حكم العمل والاستشهاد بالقراءات الشاذة:
1 - الجمهور على جواز العمل بها تنزيلا لها منزلة أخبار الأحاد، وأخبار الآحاد مقبولة عند العلماء، يجوز العمل بها واستنباط الأحكام الشرعية منها، وقد احتج العلماء بها في كثير من الأحكام الفقهية، كما في قطع يمين السارق على قراءة ابن مسعود رضي الله عنه: "والسارق والسارقة فاقطعوا أيمانهما" بدل: "أيديهما".
واحتجت الحنفية على وجوب التتابع في صوم كفارة اليمين بقراءة ابن مسعود رضي الله عنه: "فصيام ثلاثة أيام متتابعات" بزيادة كلمة "متتابعات".
2 - خالف في ذلك جمهور الشافعية؛ بحجة القراءات الشاذة لم تثبت قرآنيتها، فلا يجوز العمل بها.
واجاب الجمهور عن ذلك بأنه لا يلزم من انتفاء قرآنيتها انتفاء عموم كونها اخبارا؛ أي: أنها في حكم العمل بخبر الواحد، وخبر الواحد يعمل به.
حكم الاستشهاد بالقراءات الشاذة في قواعد النحو والصرف
أما عن الاستشهاد بها فيجوز الاستشهاد بالقرارات الشاذة في القواعد النحوية والصرفية باتفاق العلماء. ويجوز كذلك تعلمها وتعليمها نظريا لا عمليًا، ويجوز تدوينها في الكتب وبيان وجهها من حيث اللغة والإعراب.
شارك مع أصدقائك
إرسال تعليق