عوامل حفظ السنة النبوية | تتمة
الرجوع إلى الدرس الأول من هنا
المسألة الثانية: الحكمة من الخلق لا تتحقق إلا بحفظ السنة مع القرآن:
فالله جل وعلا خلق الخلق ليعبدوه، قال سبحانه وتعالى: {وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون} سورة الذاريات الآية 56، وعبادته لا تكون بالهوى؛ وإنما تكون باتباع الشرع، ومبناه على كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وعليه فلا سبيل لعبادته إلا بحفظهما.
قال المعلِّمي: "المقصود من حفظ القرآن أن تبقى الحجة قائمة والهداية دائمة إلى يوم القيامة؛ لأن محمدا صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء، وشريعته خاتمة الشرائع، والله عز وجل إنما خلق الخلق لعبادته فلا يقطع عنهم طريقة معرفتها، وانقطاع ذلك في هذه الحياة الدنيا انقطاع لعلة بقائهم فيها". التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل.
المسألة الثالثة: لو لم يحفظ الله عز وجل السنة لكلف العباد بما لا يطيقون:
ذلك لأن الله تعالى أوجب عليهم في آيات عدة طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، منها قوله تعالى: {وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله} سورة النساء الآية 64، وقوله سبحانه: {قل اطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين} سورة آل عمران الآية 32، وقوله جل في علاه: {يأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول ان كنتم تومنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تاويلا} سورة النساء الآية 59.
وطاعته تكون بتصديقه فيما أخبر، وإتيان ما به أمر، وترك ما عنه نهى وزجر، ولا سبيل لمعرفة تلك الأخبار والأوامر والنواهي بعد انقطاع الوحي وختم النبوة إلا بالنقل، فلو لم تحفظ السنة لما كان في استطاعة أحد أن يعرف فيما يطيع النبي صلى الله عليه وسلم.
المسألة الرابعة: الواقع يشهد بأن الله تعالى تولى حفظ السنة بنفسه:
من حفظ الله للسنة أن الله جل وعلا يفضح المرْ بمجرد الهم بالكذب في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لذا قال سفيان الثوري رحمه الله: (ما ستر الله أحدا يكذب في الحديث) شرح العراقي لألفيته، وقال عبد الرحمن بن مهدي رحمه الله: (لو أن رجلا هم أن يكذب في الحديث لأسقطه الله) شرح العراقي لألفيته، وقال عبد الله بن المبارك رحمه الله: (لو هم رجل في السحر أن يكذب في الحديث لأصبح والناس يقولون: فلان كذاب) شرح العراقي لألفيته.
إرسال تعليق