رابط جملة الحال | الحال الجامدة (3)
تعريف رابط جملة الحال
إذا كان الحال جُملَةً يَتَعَيَّن وجود رابط يربطها بصاحب الحال والأصل في هذا الرابط أن يكون ضميرا بأنواعه، سواء منفصل أو متَّصل أو مستتر، يَعُود على صاحِب الحال ويربط الجملة به.
غيرَ أنَّ الحال الجملة قد يَسبَقُها واواً تُعرف باسم «واو الحاليَّة» أو «واو الابتداء»، ووظيفتها تكمن في ربط الحال بصاحبها، وهذه الواو تدخل على الحال عندما يكون جملةً اسميَّة كما تدخل عليه عندما يكون جملةً فعليَّة.
وَاختِلاف الروابط لا يَعنِي عدم إمكانيَّة الجمع بينهما، فقد يجتمع في الجملة الحاليَّة الرابطان كلاهما -أي الضمير والواو-.
دخول الواو الحالية أو الابتدائية على الجملة الحالية
مواضع جواز اقتران الجُملة بواو الحاليَّة
ودخول الواو على الجُملة الحاليَّة هو جائز في أغلب الحالات، وأكثر ما يكون هذا في الجملة الاسميَّة التي اقترنت بضمير يعود على صاحبها.
مثل: «تَقَدَّمَ المَلِكُ تَاجُهُ عَلَى رَأسِهِ» فيُقال: «وَتَاجُهُ عَلَى رَأسِهِ».
مواضع وجوب اقتران الجُملة بواو الحاليَّة
غير أنَّ دخولها واجب في مواضع مُعيَّنة وفي مواضع أخرى يمتنع دخولها. ويَجِب اقتران الجُملة بواو الحاليَّة في المواضع التالية:
- خلو الجملة من الضمير:
يَجِب اقتران الواو بالجملة الحاليَّة إذا لم تَشتمل الجملة على ضمير يربطها بصاحب الحال ويبطل هذا الوجوب إذا اشتملت الجُملة على ضمير مُقَدَّر، فالشرط هو خلو الجملة تماماً من أيِّ ضمير سواء في الظاهر أو التقدير.
ومع ذلك فقد وردت عدد من الشواهد الفصيحة لم تقترن فيها الجملة بالواو على الرغم من خلوِّها من ضمير عائد.
يجب اقتران الواو في الجملة الفعليَّة التي فعلها مضارع مُثبَت مَسبُوق بحرف «قَد»، مثل: «لِمَ تُؤذُونَنِي وَقَد تَعلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيكُم».
- صدارة الجملة الاسمية بمبتدأ ضمير منفصل يعود على صاحب الحال:
يجب اقتران الواو في الجملة الاسميَّة التي مُبتدأها ضمير منفصل يعود على صاحب الحال، مثل: (عَمِلنَا وَنَحنُ مُتعَبُون).
- الجملة الفعلية التي فعلها ماضٍ مُتَصَرِّف خالٍ من ضمير عائد:
يجب اقتران الواو في الجملة الفعلية التي فعلها ماضٍ مُتَصَرِّف خالٍ من ضمير عائد، مثل: «جَاءَ وَقَد اِنتَهَيتُ مِنَ العَمَلِ».
أمَّا إذا كان هناك ضمير عائد في الجملة فيجوز اقترانها بالواو، مثل: «جَاءَ وَانتَهَيتُ مِن عَمَلِهِ».
ويشترط بعض النُّحاة في الفعل الماضي أن يكون مُثبَتاً، بينما يجيز آخرون مجيئه مُثبتاً أو مَنفياً.
مواضع امتناع اقتران الجُملة بواو الحاليَّة
في المقابل يمتنع اقتران الجُملة بواو الحاليَّة ويَجِبُ اقترانها بضميرٍ يعود على صاحِب الحال في المواضع التالية:
إذا كانت الجملة الفعليَّة التي فعلها مُضارع مُثبت لَم يُسبَق بالحرف "قد":
يمتنع اقتران الواو بالجملة الفعليَّة التي فعلها مُضارع مُثبت لَم يُسبَق بالحرف «قَد»، مثل: (رَأَيتُ حِصَاناً يَقفُزُ).
إذا كانت الجُملة مُؤَكِّد لمضمونٍ يَسبقُها:
يمتنع اقتران الواو إذا كانت الجُملة مُؤَكِّد لمضمونٍ يَسبقُها، مثل: «ذَلِكَ الكِتَابُ لَا رَيبَ فِيهِ» أو (هُوَ الحَقُّ لَا شَكَّ فِيهِ).
إذا عُطِفَت الجملة على حال آخر بحرف العطف "أو":
يَمتَنِع اقتران الواو إذا عُطِفَت الجملة على حال آخر بحرف العطف «أَو»، لأنَّ الحرف «أَو» لا يجوز اقترانه بالواو مثل: «جَاءَ مُحَمَّدٌ يَمشِي أو هُوَ رَاكِبٌ».
وهناك من النُّحاة من يحصر هذه القاعدة على الأفعال الماضية فقط.
إذا كانت الجملة الفعليَّة التي فعلها مضارع مَسبوق بحرف النفي "لا" أو "ما":
يمتنع اقتران الواو بالجملة الفعليَّة التي فعلها مضارع مَسبوق بحرف النفي «لَا» أو «مَا»، مثل: «رَأَيتُكُم لَا تُصَلُّون» و «دَخَلَ الطَّالِبُ الاِمتِحَانَ وَاثِقاً مَا يَهَابُ الفَشَلَ».
إذا كانت الجملة الفعليَّة التي فعلها ماضٍ مَسبوق بالحرف "إلّا":
يمتنع اقتران الواو بالجملة الفعليَّة التي فعلها ماضٍ مَسبوق بالحرف «إِلَّا»، مثل: «مَا قَلِقَ إِلَّا اِنهَارَ». غير أنَّ هناك شواهد شعريَّة خالفت هذه القاعدة، ومنها قول الشاعر:
نعم امرؤ هرم لم تعر نائبة ... إلا وكان لمرتاع بها وزرا
وقول آخر:
متى يأت هذا الموت لم يلف حاجة ... بنفسي إلا قد قضيت قضاها
إذا وَقَعت الجملة الحاليَّة بعد «إِلَّا» يجب أن تشتمل على ضمير يعود على صاحِب الحال، ويجوز ولا يجوز أن يسبقها واو الحاليَّة، فيُقال: «مَا عَرِفتُكَ إِلَّا لَكَ أَخلَاقٌ»، ويجوز أن يُقال: «مَا عَرِفتُكَ إِلَّا ولَكَ أَخلَاقٌ».
ويجب أن تقترن الجملة بالواو والضمير معاً إذا كانت فعليَّة فعلها مضارع مسبوق بحرف النَّفي «لَم» أو «لَمَّا».
وإذا اشتملت الجملة الفعلية التي فعلها ماضٍ على ضمير يعود على صاحبها فالأغلب أن تُربَط بالضمير والواو و «قَد» جميعهم، مثل: «اِنطَلَقَ المُتَسَابِقُ وَقَد تَهَيّأَ».
ومن الممكن أن تُربَط بالضمير و «قَد» فقط، فيُقال: «اِنطَلَقَ المُتَسَابِقُ قَد تَهَيّأَ».
ومن الممكن أيضاً أن تُربَط بالضمير وحده، فيُقال: «اِنطَلَقَ المُتَسَابِقُ تَهَيّأَ».
وإذا كانت الجملة فعليَّة فعلها ماضٍ ومسبوقة بحرف نفي فالأكثر أن تُربَط بالضمير والواو كليهما، مثل: «ذَهَبتُ إِلَى المَكتَبَةِ وَمَا قَرَأتُ».
وقد تُربَط بالضمير فقط دون الواو.
وتصحُّ الأحكام السابقة إذا لم يَسبق الجملة الفعلية الماضية الحرف «إِلَّا»، فإن سَبَقَها فلا يدخل عليها الواو أو (قَد).
وقد يحصل في مواضع نادرة ألَّا يكون هناك أي رابط يربط الجُملة الحاليَّة بصاحبها، وفي هذه المواضع يُقَدَّر رابط إمَّا الواو أو الضمير ومن الشواهد على ذلك: «ثُمَّ اِنصَبَبنَا جِبَال الصفر مُعرضة عن اليسار»، فالجملة الاسمية «جِبَال الصفر مُعرضة» لم تَشمل أي رابط يربطها بصاحِبها، وقدَّر النُّحاة رابط لها والتقدير: «جِبَال الصفر مُعرضة مِنَّا»، والرابط هو الضمير «نَا» في "مِنَّا".
الحال الجامدة
قد تجيء الحال اسماً جامداً في بعض المواضع، وذلك إذا كان بالإمكان تأويلها باسم مُشتَق، وتُذكَر الحال على هيئة اسم جامد في المواضع التالية:
- إذا ذُكِرَ الاسم الجامد للتشبيه، مثل: «غَطَسَ زَيدٌ سَمَكَةً»، وذلك إذا كان الحال في قوة المشبَّه به، ويُؤَوِّل النُّحاة الجملة السابقة على النحو: (غَطَسَ زَيدٌ مُشَابِهاً السَّمَكَة).
- إذا كانت دلالة الاسم الجامد على المفاعلة، ويُقصَد بالمفاعلة وقوع الفعل من جانبَين، مثل: «قَابَلتَهُ وَجهاً لِوَجه»، وذلك على التأويل ب «مُواجِهاً»، ومثل: «سَلَّمتَهُ يَداً بِيَد»، على التأويل ب «مُصَافِحاً» أو «مُقَابِضاً». ويُؤَوِّل بعض النُّحاة الحال الجامدة في المثالَين السابقين بصيغة التثنية بدلاً من الإفراد، على النَّحو: «مُتَوَاجِهَينِ» و «مُتَقَابِضَينِ»، باعتبار أنَّ الحال لم تُبَيِّن هيئة طرفٍ واحدٍ بل اثنين، فأُدخِلَت علامة التثنية وفقاً لقواعد المطابقة بين الحال وصاحبها.
- إذا دَلَّ الاسم الجامد على التفصيل، مثل: "حَفِظتُ النَصَّ حَرفاً حَرفاً".
- إذا دلَّ الاسم الجامد على التقسيط، مثل: "اَنهَيتُ القِرَاءَةَ فَصلاً عَن كُلِّ فَصلَينِ".
- إذا كان الاسم الجامد موصوفاً، مثل: «إِنَّا أَنزَلنَاهُ قُرآناً عَرَبِياً» أو «فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً»، وتُسَمَّى الحال حينها «حَال مُوطِّئة»، لأنَّ معناها يعتمد على الصِّفة بعدها، والمعنى المقصود للحاليَّة ليس معنى الاسم الجامد ذاته وإنَّما المعنى الذي اكتَسَبَه من وصفه بصفة ما بعده، فكأنما الحال هو الصفة أمَّا الاسم الجامد فهو المُوطِّئ أو المُمَهِّد لها، وذلك في مُقابِل «الحال المَقصُودَة لِذَاتِها» التي تكون حالاً بمعناها الأصلي. والملاحظ أنَّ الصفة في هذا الأسلوب دائماً ما تكون اسماً مُشتَقاً، كما في المثالين السابقين «عَرَبِياً» و «سَوِيّاً».
- إذا دَلَّ الاسم الجامد على سعر أمرٍ ما، مثل: «اِشتَرَيتُ السُّلعَةَ رُزمَةً بِدِينَارٍ»، وتأويل الاسم الجامد يكون على النحو: «مُسَعَّراً».
- إذا دَلَّ الاسم الجامد على عدد، مثل: «فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَربَعِينَ لَيلَةً».
- إذا دَلَّ الاسم الجامد على حال وقع فيه تفضيل شيءِ على نفسه من جهتين، مثل: «أَنتَ صَبِيّاً أَفضَلُ مِنكَ رَجُلاً».
- إذا دلَّ الاسم الجامد على نوع صاحِبه، مثل: «نَحَتَ التِمثَالَ حَجَراً».
- إذا كان الاسم الجامد فرعاً من صاحبه، مثل: «وتَنحِتُونَ مِنَ الجِبَالِ بِيُوتاً».
- إذا كان الاسم الجامد أصلاً لصاحبه، مثل: «أَأَسجُدُ لِمَن خَلَقتَ طِيناً».
- إِذا ذُكِرَ الاسم الجامد في سياق فيه تفضيل.
في الأصل يُؤَوَّل كُلُّ اسم جامد واقع موقع الحال باسم مُشتَق مناسب يلائم موقعه، غير أنَّ هذا التأويل ليس واجباً في المواضع من البند السابع حتى الأخير، والمواضع التي يمكن التأويل فيها يُلحِقها بعض النُّحاة بالحال عندما يكون اسماً مُشتقاً.
إرسال تعليق