صاحب الحال | التعريف | الشروط | المواضع | حذف الحال
صاحب الحال
تعريف صاحب الحال
صاحِب الحال هو الاسم الذِي يذكر
الحال
لبيان هيئته، وتكون الحال صفة له في المعنى، ولهذا الاسم مواقع إعرابيَّة عديدة في الجملة
الفعليَّة أو الاسميَّة.
فهو قَد يأتي:
- فاعلاً، مثل: «جَاءَ زَيدٌ مَاشِياً».
- أو نائباً عن الفاعل، مثل: «ضُرِبَ الطِّفلُ بَاكِياً».
- أو مبتدأ.
- أو خبراً.
- أو مُضافاً إليهِ، مثل: «رَاقَبتُ ذَهَابَكَ مُبتَعِداً».
- أو مجروراً بحرف جر، مثل: «مَرَرتُ بِمُحَمَّدٍ قَاعِداً».
- أو أحد المفاعيل كالمفعول به، مثل: «أَكَلتُ الطَّعَامَ سَاخِناً».
- أوالمفعول المطلق، مثل: «كَتَبتُ الكِتَابَةَ كَبِيرَةً».
- أوالمفعول لأجله، مثل: «هَرَبتُ خَوفَ المَوتِ مُتَعَاظِماً».
- أوالمفعول فيه، مثل: «خَرَجتُ العَصرَ وَهُوَ مُشمِسٌ».
- أوالمفعول معه، مثل: «سَهَرتُ وَالقَمَرَ مُضِيئاً».
وفي بعض المواضع لا تأتِي الحال مُبَيَّنة هيئة صاحبها مُباشَرةً، وإنَّما تُبَيِّن ما يحمل ضميراً
يعود عليه.
وتُسَمَّى الحال في هذه المواضع «حال سَبَيِيَّة»، أمَّا الحال المُعتادَة التي تُبَيِّن هيئة صاحبها مُباشرة فتُسَمَّى «حال
حَقِيقِيَّة». وبعض من النُّحاة من يرى أنَّ صاحب الحال لا يجيء سوى
فاعل
أو أحد المفاعيل في المعنى، وجميع المواقع الإعرابيَّة الأخرى تَحمُل في
التأويل معنى الفاعلية أو المفعوليَّة، فـصاحب الحال هو
فاعل
أو مفعول إمَّا في اللفظ والمعنى أو في المعنى فقط.
فإذا قيل: «رَأَيتُ سُقُوطَ الحَجَرِ مُتَدَحرِجاً»، فإنَّ
صاحب الحال «الحَجَرِ» تَضَمَّن معناه الفاعليَّة – فهو الذي سقط -
حتى وإن كان في واقع الأمر مُضافاً إليه، وإذا قيل: «مَرَرتُ بِمُحَمَّدٍ
قَاعِداً»، فـصاحب الحال هنا هو مفعول به غير صريح – المرور وقع على
محمد -، حتى وإن كان مجروراً بحرف جر.
شروط صاحب الحال
يُشتَرط في صاحب الحال لِكَي يكون مُضافاً إليه أمران:
o الموضع الأوَّل: عندما يكون الاسم المُضاف مصدراً عاملاً، مثل: «أَكرَهُ
سَمَاعَ الأَغَانِي صَاخِبَةً».
o الموضع الثاني: عندما يكون الاسم المُضاف وَصف، مثل: «مُحَمَّدٌ رَافِعُ
العَلَمِ عَالياً».
- الشرط الثاني هو أن يَصحَّ إبدال المُضاف إليه محل المُضاف، ويَصحُّ ذلك
عندما يكون الاسم المُضاف جُزءاً من المُضاف إليه، مثل: «رَأَيتُ وَجهَكَ
غَابِراً»، أو يكون بمثابة جزء منه، مثل: «سَمِعتُ حَدِيثَ المُعَلِّمِ
مُوَضِّحاً»، فيصحُّ القول في المثالين السابقين: «رَأَيتُكَ غَابِراً» و
«سَمِعتُ المُعَلِّمَ مُوَضِّحاً».
أمّا إذا لم يُحَقِّق المُضاف إليه الشروط في المواضع السابقة فلا يكون
صاحباً لحال، فلا يقال: «رَأَيتُ قَلَمَ الطَّالِبِ مُهَذَّباً»، لأنَّ
«قَلَمَ» ليس جُزءاً من «الطَّالِبِ». ولم يقبل أبو علي الفارسي أيّاً من
الشروط السابقة الذكر، وأجاز مجيء المُضاف إليه صاحباً للحال مُطلقاً بدون
قيود، ويُستَشهَد ببيت شعرٍ لإثبات صُحَّة ما ذهب إليه أبو علي، وهو بيت
لتأبَّط شراً يُذكَر فيه: «سَلَبتَ سِلَاحِي بَائِساً وَشَتَمتَنِي»،
فالملاحظ أنَّ الحال «بَائِساً» ارتبطت بياء المُتَكلِّم الواقعة في محلِّ جر مُضاف
إليه.
وسار نُحاة آخرون مسار أبي علي في هذه المسألة منهم محمد عيد.
في بعض الأحيان تأتي الحال لتُبَيِّن هيئة أكثر من اسم واحد، وفي هذه الحالة يكون
صاحب الحال مُتَعَدِّداً، فعلى سبيل المثال قد يكون
صاحب الحال هو
الفاعل
والمفعول به كليهما، مثل: «وَدَّعَ الرَّجُلُ صَدِيقَهُ مُتَعَانِقَينِ»، حيث
«مُتَعَانِقَينِ» حال منصوب بالياء ذُكِر ليصف هيئة
الفاعل
والمفعول به وقت الفعل.
راجع:
درس الفاعل... من هنا
تنكير صاحب الحال
غالباً ما يكون صاحب الحال اسماً مُعَرَّفاً، وهذا هو الأصل، لأنَّ
صاحب الحال إذا كان نكرة سيصير الحال عندها نعتاً.
غير أنَّه قد يجيء مُنَكَّراً في مواضع مُعيَّنة ذكرها النُّحاة لا يجيء
نكرةً في غيرها.
والمواضع أو
المُسَوِّغات التي تسمح لصاحب الحال أن يكون نَكِرة تُشابِه إلى حدٍّ ما
مُسَوِّغات تنكير المُبتدأ، ويرجع هذا الأمر إلى التشابه بين الحال والخبر، فكُل منهما صفة لِما حُكِمَ عليه، فالعلَّة في تعريف المبتدأ
وصاحب الحال هي وقوعهما موقع المحكوم عليه، لذا تشابهت مُسَوِّغات
تنكيرهما.
مواضع تنكير صاحب الحال
ويُذكر صاحب الحال مُنَكَّراً في الحالات الآتية:
1: إذا تَقَدَّمت الحال على صاحب الحال
مثل: «جَاءَ مُبتَسِماً رَجُلٌ»، فإذا قُدِّمَ صاحب الحال صار الحال نعتاً، فيُقال: «جَاءَ رَجُلٌ مُبتَسِمٌ»، فيَجِب إذن تقديم الحال على صاحبها عندما يكون نكرة لمنع الالتباس بالنَّعت، لأنَّ النَّعت لا يتَقَدَّم على المنعوت على الإطلاق.2: إذا دلَّ صاحب الحال على خُصُوصٍ
ويختصُّ صاحب الحال بالوصف أو الإضافة، ومن مثل الاختصاص بالوصف: «عَاتَبَنَا رَجُلٌ خَلُوقٌ نَاصِحاً»، ومن مثل الاختصاص بالإضافة: (خَطَبَ إِمَامُ المَسجِدِ وَاقِفاً).3: إذا دلَّ صاحب الحال على عموم
ويكون ذلك إذا سَبَقَ صاحب الحال أداة نفي، مثل: «مَا أَهلَكنَا مِن قَريَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعلُوم» أو أداة نهي، مثل: «لَا يَتَّهِمُ أَحَدٌ أَحَداً جِزَافاً»، أو أداة استفهام، مثل: (هَل فِي البَيتِ رَجُلٌ مَاكِثاً؟).4- إذا كان الحال جُملَة سبقت بواو الحاليَّة، مثل: (جَاءَ رَجُلٌ وَهُوَ مُبتَسِمٌ).
وردَت هناك شواهد قليلة كان فيها صاحب الحال مُنَكَّراً في غير هذه
المواضع ولا مُسَوِّغ لتنكيره.
مواضع مطابقة الحال لصاحب الحال
تُطابِق الحال صاحبَ الحال من ناحية التذكير والتأنيث ومن ناحية العدد.
ويُستَثنَى من هذه المطابقة أربعة مواضع، يُخالف فيها الحال صاحبه، وثلاث من هذه المواضع مُرتبط بالحال نفسه وواحِد مُرتَبِط
بصاحبه. وتَحدُث المُخالفة في المواضع التالية:
مواضع مخالفة الحال لصاحب الحال
1- لا تَحدُث المطابقة إذا كان صاحب الحال جمعاً لغير عاقل، وفي هذه
الحالة يكون الحال إمَّا اسماً مُفرداً مُؤَنَّثاً أو جمع مؤَنَّث سالم أو جمع
تكسير.
2- إذا كان الحال من الألفاظ التِي يَجتَمِع فيها صيغة التذكير والتأنيث، فتُستَعمل
للمُذَكَّر والمُؤَنَّث كليهما، وهذه الألفاظ تأتي على صيغة «مَفعُول» و
«فَعِيل».
3- إذا كان الحال اسم تفضيل على صيغة «أَفعَل» إمَّا مُجَرد من أل التعريف والإضافة،
مثل: «»، أو مُضَاف إلى نَكِرَة.
الأصل أن يأتِي العامل في الحال ثُمَّ صاحِبها ثُمَّ الحال نفسها، بمعنى أنَّ الحال في الترتيب الصحيح تتأخَّر عن عاملها وعن صاحِبها، وهذا الترتيب هو
المُستَعمل في أغلب الحالات. إِلَّا أنَّ تقدُّم الحال على صاحِبها، حتى إن لم يكن الأسلوب الشائع أو الأصل، فهو جائز في
جميع الحالات مع وجود بضع استثناءات، فيُقال: «قَعَدَ سَاجِداً المُصَلِّي».
وقد تتقدَّم الحال على عاملها كذلك، وتقدُّمها على عاملها هو جائز في أغلب الأحيان
أيضاً، فيُقال: (سَاجِداً قَعَدَ المُصَلِّي).
ويُستَدرك بعد ذلك مواضع مُعيَّنة شاذَّة نصَّ عليها النُّحاة يجب فيها
تقديم الحال أو يمتنع فيها تقديمه على
صاحب الحال أو العامل.
مواضع وجوب تقدُّم الحال على العامل
يَجِب تقديم الحال على عاملها في المواضع التالية:
1- إذا كانت من الأسماء التي تحتل الصَّدارة في الكلام، ومن هذه الأسماء التي
تُنصَب على الحاليَّة «كَيف»، فعندما يأتي الحال اسم استفهام يجب تقديمه على عامله، مثل: «كَيفَ وَصَلتَ إِلَى
هُنَا؟»، ويُشتَرط في أسلوب الاستفهام ألَّا تكون الجملة بعد «كَيف» اسميَّة
ينقصها خبر، لأنَّ اسم الاستفهام حينها سيُعرَب خبر مُقدَّم وليس حال، مثل:
(كَيفَ أَنتَ؟).
2- يَجِب تقديم الحال على اسم التفضِيل عندما يعمل في حالَين اثنَين بحيث يكون مُفَضِّلاً
صاحب أحدهما على صاحب الآخر، وعندها يتوسَّط اسم التفضيل بين الحالَين
ويتأخَّر وجوباً عن إحداهما، مثل: «زَيدٌ مُتَكَلِّماً أَهدَأُ مِن سَعِيدٍ
مُستَمِعاً»، وقَد يكون للحالّينِ صاحِبُ حالٍ واحد، بحيث يُفَضِّل
اسم التفضيل بينه وبين نفسه في حالتَين مُختَلِفَتَين، مثل: «زَيدٌ
مُتَكَلِّماً أَفضَلُ مِنهُ صَامِتاً»، وفي النَّمطين كليهما
تُقَدَّم الحال المرتبطة بالصاحب المُفَضِّل على
اسم التفضيل، الذي يتوسَّط بينها وبين الحال الأخرى.
3- يجب تقديم الحال على عاملها إذا كان العامل فيها هو معنى
التشبيه
-وليس
أحرف التشبيه– بشرط أن يمتد عمله إلى حال أخرى يدخل عليها حرف تشبيه، ويكون
التشبيه
المعنوي مُشبِّهاً الحال المُتَقَدِّمة بالحال المُتأخِّرة، مثل: (أَنَا ذَكِياً كَزَيدٍ
غَبِياً).
مواضع جواز تقدُّم أو تأخر الحال على العامل
يجب تقديم الحال على صاحب الحال في مواضع عِدَّة، وفي هذه المواضع يجوز
تقدُّمها أو تأخُّرها عن العامل، وهذه المواضع هي:
1- إذا كان صاحب الحال محصوراً، مثل: (مَا حَضَرَ رَاكِباً إِلَّا
زَيدٌ).
2- إذا كان صاحب الحال اسم نَكِرة لم يَستَوفِ الشُّروط، مثل: (قَامَ
ضَاحِكاً رَجُلٌ).
3- إذا دخل على صاحب الحال ضمير مُتَّصِل يعود على الحال نفسه، مثل: (حَضَرَ فَوقَ الدَرَّاجَةِ صَاحِبُهَا).
مواضع امتناع تقديم الحال على صاحب الحال
3- إذا كان صاحب الحال مجروراً، سواء كان جرّه ب:
- الإضافة: مثل: «سَمِعتُ صَوتَكَ مُنَادِياً».
- بِحرفِ جَر، مثل: «نَظَرتُ إِلَى البِنَاءِ مُحَطَّماً».
ويُشترط في حرف الجر أن يكون أصلياً، أمَّا
إذا دخل على صاحب الحال حرف جر زائد، فيجوز تقدُّم الحال عليه، مثل: (مَا خَرَجَ مُنتَصِراً مِن أَحَدٍ فِي النِّزَاعِ).
وهناك فريق من النُّحاة يجيز تَقَدُّم الحال في هذا الموضع.
4- إذا أُضِيف صاحب الحال إلى لفظ بعده.
5- يجِب تأخُّر الحال إذا كانت جُملة مُقتَرِنة بواو الحاليَّة، مثل: «غَادَرتُ إِلَى
العَمَلِ وَأنَا مُسرِعٌ»، فلا يجوز القول: (غَادَرتُ وَأنَا مُسرِعٌ إِلَى
العَمَلِ).
مواضع امتناع تقديم الحال على العامل
يُشتَرَط في الفعل التَصَرُّف حتى يجوز تقديم الحال عليه، فلا بُدَّ في الفعل أن يكون مُتَصَرِّفاً، كما لا بد من الوَصف
أن يُشتَق من فعلٍ مُتَصَرِّف لكي تتقدَّم عليه الحال، مثل: «فِي السَّاحَةِ وَاقِفاً مُلقٍ الوَزِيرِ خِطَاباً».
أمَّا إذا كان الفعل جامداً فلا يجوز تقدُّم الحال عليه، فلا يُقال: «طَالِباً نِعمَ أَحمَدُ»، لأنَّ الفعل «نِعمَ» فعل
جامد. ويدخل ضمن هذا البند أسماء الأفعال التي تلازم الجمود في جميع أحوالها،
فلا يُقَدَّم الحال عليها، فلا يقال: «مُستَمِعاً صَه» بدلاً من (صَه).
حذف الحال
الحال هو اسم فَضلَة وليس عُمدَةً في الكلام، وكثيراً ما يُورِد النُّحاة
هذا الأمر في
تعريف الحال، بمعنى أنَّ الحال ليس ضروريّاً في الجُملة، فهو من مُكَمِّلاتها المنصوبة
ويُلحق بالمفاعيل في بعض الأحيان.
والحال يُمكِن الاستغناء عنه من ناحية التركيب اللغوي، ولكن لا يُمكن
الاستغناء عنه من ناحِيَة المعنى، فَمَتى ما ذُكِرَ الحال في الجملة لا يمكن
الاستغناء عنه بدون وَجه، ولكن يُمكن صياغة الجُملة والإتيان بها مُجَرَّد من
الحال منذ البداية.
والإتيان بالجملة مُجَرَّدة من الحال لا يُسَمَّى حذفاً، وإنَّما يُسَمَّى
استغناء، لأنَّ صياغة الجُملة مُجَرَّدة من الحال يعنِي عدم وجودها، أمَّا
الحَذف فهو تجريد الجُملّة مِمَّا كان موجوداً لسببٍ من الأسباب.
وعلى الرغم من أنَّ الحال يمكن الاستغناء عنها بشكل عام، إلَّا أنَّها قَد
تأتِي في بعض المواضع ضروريَّة في الجُملة، بِحَيث تُصبِح الجُملة ناقصة بغير
ذِكرها ولا يستقيم معناها.
مثال الآية: «وَلَا تَقرِبُوا الصَّلَاةَ وَأَنتُم سُكَارَى»، فلا يمكن
الاستغناء عن الحال في هذه الآية لأنَّها ستدلُّ حينها على تحريم الصلاة،
ومثل الآية: (وَمَا خَلَقنَا السَّمَاوَاتِ والأَرضَ وَمَا بَينَهُما
لَاعِبِين).
الرجوع إلى الدرس الأول من الحال
إرسال تعليق