المحكم والمتشابه: تعريف المحكم والمتشابه لغة واصطلاحا | الفرق بين المحكم والمتشابه
المحكم والمتشابه
تعريف المحكم والمتشابه لغة واصطلاحا:
أولا: تعريف مفهوم المحكم والمتشابه لغة:
تعريف المحكم لغة
قال ابن فارس في مقاييس اللغة: (ح ك م) الحاء والكاف والميم أصل واحد، وهو المنع، وأول ذلك الحكم، وهو المنع من الظلم. وسميت حكَمة الدّابة لأنها تمنعها، يقال: حكمت الدّابّة وأحكمتها، ويقال: حكمت السفيه وأحكمته، إذا أخذت على يديه.. والحكمة هذا قياسها، لأنها تمنع من الجهل.
ويدخل فيه معنى الإتقان يقال: أحكم الأمر، أتقنه. ويقال: أحكم الرأي: أتقنه ومنعه من الفساد. لأن المنع من الفساد يؤدي إلى الإتقان.
والقرآن الكريم: بهذا المعنى اللغوي محكم كله، أي: متقن ممتنع عن النقص والخلل، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، قال تعالى: (الر كتَاب أُحِكَمْت آياتُهُ ثُم فصلَت ِمن لَدُن حِكيم خِبير). (هود:1)
تعريف المتشابه لغة:
قال ابن فارس في مقاييس اللغة: (ش ب ه) الشين والباء والهاء أصل واحد يدل على تشابه الشيء وتشاكله لونا ووصفا. يقال ِشبه و َشَبه َو َشبيه. والّشبه من الجواهر: الي يشبه الذهب. والمشبّهات من الأمور: المشكلات. واشتبه الأمران، إذا أشكلا.
وهو نوع من المماثلة حيث توجد مطابقة من وجه ومخالفة من وجه آخر، ومنه في القرآن الكريم قوله سبحانه وتعالى وصفا لرزق الجنّة: 《وأتوا به متشابها》 (البقرة: 25)، ومنه قوله تعالى حكاية عن بني إسرائيل: 《إن البقر تشابه علينا》 (البقرة: 70).
ثانيا: تعريف مفهوم المحكم والمتشابه اصطلاحا:
تعريف المحكم اصطلاحا:
المحكم اصطلاحا في القرآن الكريم على قسمين:
- محكم عام.
- محكم خاص.
فالمحكم العام: إتقانه بتمييز الصدق من الكذب في أخباره، والرشد من الغي في أوامره.
والمحكم الخاص: هو الفاصل بين الأمرين بحيث لا يشتبه أحدهما بالآخر.
تعريف المتشابه اصطلاحا:
المتشابه اصطلاحا في القرآن الكريم على قسمين:
- متشابه عام.
- متشابه خاص.
فالمتشابه العام: هو تماثل الكلام وتناسبه بحيث يصدق بعضه بعضا.
والمتشابه الخاص: هو مشابهة الشيء لغيره من وجه مع مخالفته له من وجه آخر، بحيث يشتبه على بعض الناس أنه هو أو هو مثله.
وأساس التفرقة بينهما هو أنه وردت آية تنعت القرآن -كل القرآن- بأنه محكم، وآية تنعت القرآن -كل القرآن- بأنه متشابه، وآية تنعت القرآن بأنه منه المحكم والمتشابه. وبما أننا نعلم أن القرآن منّزه عن التناقض، فإننا نجزم أن هذه الآيات لا تناقض فيها، بل لكل آية معنى سديد ودقيق يلحظ بالتأمل والتمحيص والتحقيق.
فالآية القرآنية (الر كتاب أُحكمت آياته ثم فصلَت من لَدن حكيم خبِير)، تفيد إحكام القرآن كله آية آية، سورة سورة، وتكاد كلمة المفسرين تجمع على أن معنى أحكمت آياته: نظمت تنظيما رصينا لا نقص ولا خلل فيها كالبناء المحكم.
أما الآية الثانية: (ٱللَّه نزل أَحسن ٱلْحديث كتبا متشبها مثانى) الزمر:23، فتفيد أن آيات القرآن يشبه بعضها بعضا، في الإحكام والإتقان، فلا يستطيع أحد المفاضلة والتمييز بين آية وأخرى، للتماثل في البلاغة والهداية.
وأما الآية الثالثة: فقد تقابل فيها الإحكام والتشابه، وجعل كلا منهما نعتا لبعض الآيات دون بعض.
ثالثا: الفرق بين المحكم والمتشابه وشواهدهما من القرآن:
قد وقف العلماء مواقف متباينة من تعريف المحكم والمتشابه المقصود بقوله تعالى: (هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات).
فقيل: المحكم ما كان واضح الدلالة ويدخل فيه النص والظاهر والمتشابه ما التبس المراد منه أو اشتبهت دلالته على كثير من الناس ويدخل فيه المجمل والمشترك والمؤول.
وقيل: المحكم ما عرف تأويله وفُهم معناه وتفسيره، والمتشابه ما لم يكن لأحد إلى علمه سبيل؛ أي مما استأثر الله بعلمه.
وقيل: المحكم ما لا يحتمل إلا وجها واحدا، والمتشابه ما يحتمل وجوها، وقيل غير ذلك.
وقيل: المحكم ما لا يحتمل إلا وجها واحدا، والمتشابه ما يحتمل وجوها، وقيل غير ذلك.
وخلاصة أقوالهم: أن في القرآن آيات محكمات واضحات الدلالة، بينات المعنى، لا تحتاج إلى غيرها لبيان مفهومها ومضمونها، وهذه هي أم الكتاب وأصله الذي يجب أن يردّ إليه ما سواه ليفهم في ضوئه.
وهناك آيات متشابهات: إما تشابها كليا حقيقيا فلا يمكن أن يعلمها إلا الله ولا يحاول أن يعرف حقيقتها إلا الذين في قلوبهم زيغ وانحراف، وإما تشابها جزئيا إضافيا وهذا هو أكثر المتشابه وهو الذي يعلمه الراسخون برده إلى المحكمات التي هي الأصل.
ويمثلون للمحكم في القرآن بناسخه كما في قوله تعالى: (يأيها الذين آمنوا تقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين) البقرة 278
الذي نسخ ما كان نهيا جزئيا عن الربا الفاحش في قوله تعالى: (يأيها الذين آموا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة واتقوا الله لعلكم تفلحون). آل عمران 130
وبحلاله وحرامه كما في قوله تعالى: (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة). وبحدوده وفرائضه ووعده ووعيده، إلى غير ذلك من الآيات المحكمات البينات بنفسها، والدّالة على معناها بوضوح، فلا يعرض لها شبهة من حيث اللفظ ولا من حيث المعنى.
أما المتشابه فيمثلون له بمنسوخه كما هو مشار إليه أعلاه، وبكيفيات أسماء الله وصفاته التي في قوله تعالى: (الرحمن على العرش استوى)، (واصنع الفلك بأعيننا ووحينا)، وقوله جل في علاه: (على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين)، يد الله فوق أيديهم)، وقوله عز من قائل: (وألقيت عليك محبة مني)، وقوله تعالى: (وهو معكم أين ما كنتم)، إلى غير ذلك من الشواهد القرآنية، ويمثلون للمتشابه أيضا بأوائل السور المفتتحة بحروف المعجم، وحقائق اليوم الآخر، وعلم السّاعة.
المتابعة وإكمال الدّرس
إرسال تعليق