الزواج في الشريعة اليهودية
منذ أن وجد النوع البشري على الأرض وجد الزواج والاجتماع بين الرجل والمرأة و لا تشذ أمة عن هذه السنن، فهي من سنن الله (فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلا) سورة الأحزاب الآية 62.
والتفسير الديني للتاريخ يدل بوضوح على أن الله تعالى قد جعل الزواج صلة مشروعة من ايام آدم أبي البشر عليه السلام، حيث نقرأ قوله تعالى: (وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّة) سورة البقرة 35
ولذلك أولتها كل الشرائع سماوية كانت أم من صياغة بشرية اهتماما جليا، ويشمل هذا الاهتمام عدة جوانب تتعلق بـ المرأة والزواج والإنجاب والطلاق والبلوغ والميراث. لذا كانت الأسرة هي الخلية المركزية التي يبنى عليها المجتمع.
ويستلزم الزواج لانعقاده العديد من الشروط: بعضها موضوعي ولآخر شكلي، تتضافر مجتمعة لإضفاء الخصوصية على هدا النظام البالغ الاهمية في الحياة.
ان اليهودية تصنف الزواج فرضا واجبا على كل يهودي، ولا تسمح بإتمام عقد الزواج إ اذا كان الرجل والمرأة لهما انتماء ديني مختلف، وذلك حسب المادة 16: "الزواج فرض على كل اسرائيلي"
وفي المادة 17: "الدين والمذهب شرط لصحة العقد، فإذا كان أحد الاثنين من غير دين أو مذهب آخر فلا يجوز العقد بينهما وإلا كان باطلا".
أما بخصوص السن اللائق للزواج عندهم: فإن قانون الاحكام الشرعية للأحوال الشخصية في لبنان الخاصة باليهود والذين ورد اسمهم في التشريع اللبناني على انهم الطائفة الاسرائيلية ينص في المادة 44 : " يجوز الزواج بعد بلوغ الثلاثة عشر بالنسبة للرجل واثني عشرة سنة ونصفا بالنسبة للزوجة"
وجاء في المادة 43: "السن اللائق لزواج الرجل هو ثمانية عشرة عاما" بينما في المادة 46:" يجوز زواج الصغيرة بولاية أبيها متى أراد، أو متى أرادت أمها، أو أحد أخواتها إذا كانت يتيمة ورضيت".
الرضا بالزواج:
لم ينص العهد القديم على ضرورة وجود التراضي بين الطرفين، لان الأب هو الذي يملك مصير بناته أو أولاده، يأمر فيطاع ويزوج بناته وأولاده بمحض إرادته، بل يستطيع ان يبيع ابنته لمن يعرض الثمن : "وإذا باع الرجل ابنته أمة لا تخرج كما يخرج العبيد إن قبحت في عين سيدها الذي خطبها لنفسه ".
و نصوص العهد القديم تبين أنهم كانوا يتعاملون مع تزويج الفتاة وكانه بيع لها بعوض. ورد في سفر التكوين : "فأجابت راحيل وليئة وقالتا له: هل بقي لنا نصيب وميراث في بيت أبينا؟ السنا عنده بمنزلة غرباء وقد باعنا واكل ثمننا ؟"
ورغم هذا النوع من الزواج وهو الزواج بالبيع كان يؤخذ رأي البنت المتزوجة ويتم الزواج بالاتفاق بين الرجل والبنت وأهلها. يقول ابن شمعون : "لا ولاية وسلطة على أحد العاقدين في حال بلوغهما سن الرشد"
ومن هذا يتضح أن الشريعة اليهودية توجب رضا الطرفين في الزواج إلا أن هناك حالات يوجب فيها إكراه وإجبار أحد الطرفين على الزواج وذلك كما يلي:
- إذا كانت الفتاة لم تبلغ سن الزواج وتقدم لها زوج فتجبر على الزواج منه.
- اذا أراد الرجل أن يدرأ عن نفسه الغرم الشرعي الذي يلزمه باعتدائه عليها بالتغرير أو بالقوة بالعقد عليها.
- إذا اعتدى رجل على فتاة فتلزمه شرعا.
الزواج من زوجة الأخ المتوفى: وهو زواج معمول به إلى الآن في اسرائيل، وقد نصت عليه المادة 36 من كتاب ابن شمعون حيث تقول: "المتوفى زوجها إذا لم يترك أولادا وكان له شقيق أو أخ لأبيه عدت له زوجة شرعا ولا تحل لغيره ما دام حيا إلا إذا تبرأ منها"
وبهذا يتضح أن مثل هذا الزواج يكون مفروضا على كل من أخ المتوفى وأرملة هدا الأخير.
موانع الزواج في الديانة اليهودية:
- الزواج من امرأة الأب
- زواج الرجل من أخته بنت أبيه أو بنت أمه
- الزواج من الحماة
- الزواج من ابنة الابن أو ابنة البنت
- الزواج من العمة
- الزواج من الخالة
- الزواج من امرأة العم
- الزواج من الكنة
- الزواج من امرأة الأخ
- الزواج من امرأة وابنتها
- الزواج من أختين معا
- الزواج من غير اليهوديات
لقد ذكر العهد القديم عدة موانع للزواج وهي كما يلي:
- الزواج من امرأة الأب "لا يتخذ رجل امرأة أبيه، ولا يكشف ديل أبيه"
- زواج الرجل من أخته بنت أبيه أو بنت أمه "ملعون من يضطجع مع أخته بنت أبيه أو بنت أمه"
- الزواج من الحماة "ملعون من يضطجع مع حماته".
- الزواج من ابنة الابن أو ابنة البنت "عورة ابنة ابنك أو ابنة ابنتك، لا تكشف عورتها انها عورتك".
- الزواج من العمة "عورة أخت أبيك لا تكشف انها قريبة أبيك".
- الزواج من الخالة "عورة أخت أمك لا تكشف انها قريبة أمك".
- الزواج من امرأة العم "عورة أخي أبيك لا تكشف، إلى امرأته لا تقرب".
- الزواج من الكنة "عورة كنتك لا تكشف انها امرأة ابنك لا تكشف عورتها".
- الزواج من امرأة الأخ "عورة امرأة أخيك لا تكشف انها عورة أخيك".
- الزواج من امرأة وابنتها "عورة امرأة وبنتها لا تكشف".
- الزواج من أختين معا "ولا تأخذ امرأة على أختها للضر، لتكشف عورتها معها في حياتها".
- الزواج من غير اليهوديات "لذلك عندما تزوج عيسى بن إسحاق امرأتين من الحيثيين، كانتا مرارة في نفس أبويه".
هذه هي المحرمات التي حددها العهد القديم، ومما يلفت النظر أنه لم يحرم زواج الأب من ابنته، ولم ينص على تحريم النكاح بين أفراد أشد قرابة من الذين ورد ذكرهم.
أما المحرمات في التلمود فقد ورد ذكرهن على النحو الآتي:
الجدة، امرأة الجد، امرأة ابن الابن، وامرأة ابن البنت، وبنت الابن، وبنت ابن الابن، وبنت بنت البنت، وبنت ابن البنت، وبنت ابن الزوجة، وبنت بنت الزوجة، وجدة أبي الزوج، وجدة أم الزوجة، وجدة الجد، وامرأة العم لأم، وامرأة الخال، وكذلك تحرم أرملة الأخ المتوفى إذا كانت الابنة الغير الشرعية للأخ الحي أو ابنة زوجته من زيجة أخرى أو حماته أو أم حماته.
وعلى هذا فإن زواج الخال من ابنة أخته أو زواج العم من ابنة أخيه غير محرم في التلمود ولو أنه كان أمرا نادر الحدوث، وكذلك لم يحرم التلمود الاقتران بالغرباء، فلا يوجد في سفر من أسفار التلمود ما يشير الى تحريم مثل هذا الزواج.
المهر:
على الزوج في الشريعة اليهودية ان يلتزم في عقد الزواج بـ المهر لزوجته بل إن هذا المهر في شريعة القرائين يعتبر ركنا من أركان عقد الزواج لا يتم بدونه وقد جعلوا منه جزءا معجلا اما الجزء الثاني فانه يمثل مؤخر الصداق ويسمونه كتوباه أي ما يكتب في العقد ويتفق عليه في وذلك بهدف توفير المعيشة اللائقة بالمرأة إذا ما حدثت فرقة بين الزوجين بطلاق أو وفاة.
وفي قوانين الأحكام الشخصية عندهم، جاء في القانون اللبناني: أنهم فرضوا مهرا للمرأة وهو حق لها تأخذه متى شاءت من الزوج عند الزواج، أو أثناء الحياة الزوجية أو عند الموت او الطلاق، وربما أضحى هذا المهر بديلا عن الثمن والبيع الذي كان قائما سابقا.
لقد جاء في المادة 137: "عقد الزواج يعرف بالعبرية بكلمة كتوبا، ويجب ان يشتمل على ذكر المهر وحقوق وواجبات الزواج الشرعية وما يشترطه الزوجان على بعضهما مما لا يخالف الأصول أو الشرع".
وعقد الزواج عند اليهود له أركان ثلاثة، بالإضافة إلى المهر والكتابة والشروط بين الزوجين: هذه الأركان حددتها المادة 102 التالي نصها:
أركان العقد الثلاث عند اليهود:
- الأول: تسمية المرأة على الرجل وتقديسها عليه بقبولها بخاتم يعطيه إليها يدا بيد بحضرة شاهدين شرعيين قائلا لها بالعبرية : تقدست لي زوجة بهذا الخاتم أو بكذا، إن كان شيئا آخر.
- الثاني: العقد شرعيا مكتوبا.
- الثالث: الصلاة الدينية صلاة البركة، بحضرة عشرة رجال على الأقل".
واليهودية لا تمنع الزواج على الكهنة ما دام ذلك فرضا وفي هذه المسألة يختلف تشريعهم مع المسيحية التي تمنع الزواج لمن سيتدرج في الكهنوت، وتزهد في الزواج عموما، والرهبانية من نتائج ذلك.
وأركان عقد الزواج بالإيجاب والقبول وموافقة الولي والشاهدين والمهر وحضور جماعة من الرجال للإعلان، كلها تتوافق مع أركان عقد الزواج في الاسلام.
تعدد الزوجات في الديانة اليهودية:
لا ينبغي للرجل أن يكون له أكثر من زوجة، وعليه أن يحلف يمينا على هذا حين العقد وإن كان لا حجر ولا حصر في متن التوراة
لكن نصوص العهد القديم ترخّص للرجل باتخاذ زوجات عديدات لأنهم شجعوا الإنجاب وبناء الأسرة الكبيرة، وقد أشار إلى ذلك معجم اللاهوت الكتابي: "إن المطلب الأمثل للخصوبة، والاهتمام بضمان أسرة قوية، لما يجعلان الرجل يشتهي أن يكون له أولاد كثيرون.. الأمر الذي يدعوه بصورة عادية إلى طلب تعدد الزوجات".
أما ما جاء في نصوص العهد القديم فمنه: "وصار لجدعون سبعون ابنا خرجوا من صلبه لأنه تزوج نساء كثيرات"
ويفيد أن يكون في سياق عرض موضوع التعدد ما ذكره الدكتور حسن ظاظا الذي قال: تعدد الزوجات جائز شرعا عند اليهود، ولم ير بتحريمه نص واحد، لا في الكتاب المقدس ولا في التلمود، وكانت العادة جارية بين اليهود على اتخاذ أكثر من زوجة. ولكن ظهر في العصور الوسطى الحاخام الفقيه المفسر جرشوم بن يهودا الذي أفتى بوجوب تحريم تعدد الزوجات بين اليهود.
______________
______________
لائحة المصادر والمراجع
1 القرآن الكريم
2 كتاب الأحكام الشرعية في الأحوال الشخصية للإسرائليين -تأليف حايشمعون-مطبعة كوهين وروزنتال-بمصر-سنة 1912 جميع الحقوق محفوظة
3 كتاب ترجمان الأديان تأليف د-أ س- أسعد السحمراني -دار النفائس للطباعة والنشر والتوزيع
4 كتاب نظام الأسرة في اليهودية والنصرانية والإسلام- تأليف صابر- أحمد طه - نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع
1 القرآن الكريم
2 كتاب الأحكام الشرعية في الأحوال الشخصية للإسرائليين -تأليف حايشمعون-مطبعة كوهين وروزنتال-بمصر-سنة 1912 جميع الحقوق محفوظة
3 كتاب ترجمان الأديان تأليف د-أ س- أسعد السحمراني -دار النفائس للطباعة والنشر والتوزيع
4 كتاب نظام الأسرة في اليهودية والنصرانية والإسلام- تأليف صابر- أحمد طه - نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع
إرسال تعليق